بسم الله الرحمن الرحيم
نبدأ درسنا بأربع أسماء لله عزّ وجل {السّبّوح-الغني-المُعطي-
اسم الله " السّبّوح " 
ورد اسم الله ( السُّبُّوح ) في السنة المطهرة
ففي صحيح مسلم عن عائشة أَنّ رَسول الله صلى الله عليه وسلّم:( كان يقول في ركوعه وسجوده: سُبُّوح قُدّوس ربّ الملائكةِ والرُّوح )
[ رواه مسلم وأبو داود، والنسائي ] .
معناه
( السُّبُّوح ) من التسبيح، والتسبيح هو التعظيم والتنزية المُبرأ من النقائص والشريك، وكل ما لا يليق بالإلهية الذي تسبّحه وتقدّسه الخلائق عن كل سوء 
.
كل شيء في الكون يسبح الله 
سجودها عبادة لخالقها، لكن لا نفقهها.
حجر يهبط من خشية الله بنص القرآن الكريم، والإنسان قلبه كالحجر، لا يتأثر ولا يرحم، ولا يبكي، ولا يخشع!
علم الله هبوطها من خشيته، آيات قرآنية تتحدث عن تسبيح الكون له، فإذا كان الإنسان غافلاً فما موقفه يوم القيامة !
الطريق إلى تسبيح الله هو [ التفكُر في الكون وخلق الله ] 
تفكر في مخلوقاته، كلما ازددت تفكيراً ازددت تعظيماً لله عز وجل،
لأن التفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق إلى الله،
وأوسع باب ندخل منه على الله 
ولأن التفكر في خلق السماوات والأرض يضعك وجهاً لوجه أمام عظمة الله.
من منا يصدق أن في الدماغ 140 مليار خلية لن تعرفِ وظيفتها
حتى الآن، فوق 14 مليار خلية قشرية فيها المحاكمة، والذاكرة،
الذاكرة مساحتها بحجم العدسة فيها سبعون مليار صورة، الذاكرة،
والمحاكمة، والتفكر، والاستنتاج، والاستنباط، والاستقراء، والحكم،
والانفعالات، والرؤية، والسمع، والبصر، كلها في هذه القشرة الدماغية،
في هذه القشرة 14 مليار خلية، والدماغ مؤلف من 140 مليار خلية،
فإذا قرأت هذا الموضوع ألا نعظم الله عز وجل ؟
ألا نقول: سبحان الله !
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
سُبحان الله
ألا يستحي الإنسان بعد هذا أن يكون كل من في الكون يسبح الله عز وجل وهو غارق في شهواته ونزواته ؟!
وهو غافل ؟ 
إلى متى أنت في اللذات مشغول !
وأنت عن كل ما قدمت مسؤول 
.
-ولا بد من وقفة متأنية إذ أن الله سبحانه وتعالى حينما قال:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾ ( سورة الأحزاب )
الأمر ينصب لا على الذكر، بل على الذكر الكثير، لأن المنافق يذكر الله، يقول الله عز وجل عن المنافقين: ﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾
هذا الاسم ورد في القرآن الكريم كما في قوله تعالى:
﴿ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاء ﴾
شأن الخالق أنه غني عن كل شيء، وشأن المخلوق أنه مفتقر إلى كل شيء ، الرب رب، والعبد عبد :""""
وفي قوله تعالى: ﴿ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ﴾
أحياناً يكون الإنسان رحيماً لكنه فقير، يتحرق قلبه ولا يستطيع أن يفعل شيئاً فقير، لكن عظمة الله عز وجل أنه غني، وأنه رحيم، فغناه ورحمته تعطيان الإنسان كل شيء .
باسم الحليم.
﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾
غني عن عباده لكنه يمدهم بالطعام والشراب والهواء، ويمدهم بكل ما يحتاجونه إذاً وهم يعصونه، يُعصى ويرحمهم.
"إني والإنس والجن في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويُشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إليّ صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إليّ بالمعاصي، وهم أفقر شيء إلي، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها "
:"""""".
﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾
هناك غنيٌ بخيل، العدل حسن لكن في الأمراء أحسن، والسخاء حسن لكن في الأغنياء أحسن، والصبر حسن لكن في الفقراء أحسن، والتوبة حسن لكن في الشباب أحسن، والحياء حسن لكن في النساء أحسن.
وفي الحديث الشريف:
(( اللهم أنت الله، لا إِله إِلا أنت، أنتَ الغنيُّ، ونحن الفقراء، أنْزِلْ علينا الغيث واجعلْ ما أنزلت لنا قوة وبلاغًا إِلى حين ))
.
كما في قوله تعالى:
﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾
هو غني عن عباده، لكنه يعاملهم معاملة يحمدونه عليها، هناك إنسان قد يكون غنياً، لا يحتاج إلى أحد، تراه فظاً، غليظاً، مستكبراً، مستعلياً، أما خالق السماوات والأرض، الذات الإلهية، الكاملة، غني، ومع أنه غني كامل، ما أروع أن يجتمع الغنى مع الكمال.
"الغني" حميد، مع أنه غني عن عباده، لو أن كل من في الأرض كفروا لا يحتاج إليهم أبداً، ومع ذلك يعاملهم معاملة كاملة يحمدونه عليها.
إذا وصفت إنساناً بأنه غني فهذا في الحقيقة ليس بغني، هذا غنى نسبي، لماذا ؟
يعني الإنسان على حجم ماله الكبير، على هيمنته الكبيرة، على مكانته الرفيعة، على سيطرته، على كل ما يملك هذا منوط بقطر شريانه التاجي فإذا ضاق هذا الشريان دخل في متاعب لا تنتهي، وقد ينجو، وقد لا ينجو..
إذاً ليس غنياً ، فإذا تجمدت قطرة دم في أحد أوعية دماغه في مكان أصيب بالشلل، في مكان فقد الذاكرة، في مكان فقد السمع، في مكان فقد البصر، في مكان فقد الحركة، إذاً ليس غنياً.
جاء شخصٌ بشهادة عُليا، وصل لمنصب ما قبل الوزير، مكانة، وعلم ، وزوجة رائعة، وبيت فخم، ودخل كبير، فقد بصره، زاره أحد أصدقائي، قال له: يا فلان والله أتمنى أن أجلس على الرصيف، وأتسول، وليس عليّ إلا هذا المعطف، وأن يرد لي بصري.
إذاً ما في غني، "الغني" هو الله.
قال الإمام علي رضي الله عنه: الغنى والفقر بعد العرض على الله.
أما قبل العرض على الله لا يعد الغني غنياً، ولا الفقير فقيراً، وأصحّ ما في هذا اللقاء الطيب أن الغنى الحقيقي هو غنى العمل الصالح، والدليل: أن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام حينما سقى للفتاتين ابنتي سيدنا شعيب، قال:
﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾.
فيجب أن تعد نفسك غنياً إذا أكرمك الله بعمل صالح، إذا سخرك لخدمة خلقه، إذا كنت مفتاحاً للخير، مغلاقاً للشر، إذا بثثت في الناس الطمأنينة، والأمن، والسكينة ، إذا أطعمت جائعهم، إذا كسوت عاريهم، إذا عالجت مريضهم، إذا آويت مشردهم، إذا أنصفت مظلومهم، أنت الغني، الغنى الحقيقي غنى العمل الصالح.
:""""
دائمًا مايكون لله ﷻ اسمين مقترنين
كـ الباسط والقابض، والأوّل والآخر:"
كذلك (المُعطي والمانع)
معنى اسم الله المعطي:
المُعطي الممكِّن من نعمه، الواهب عطاءً لمخلوقاته.
وقال الحبيب ﷺ:
«مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ
وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ»
وكان يقول أيضًا بالدُعاء بعد الصَلاة:
"... اللهم لامانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت
ولا ينفعُ ذا الجدّ منك الجدّ"
فهو ﷻ أهل العطاء والمَجد، فكُل خيرٍ للعبد
فهو من الله المعطي ﷻ،
حتّى لو تفضّل عليك شخص ما بفعل خير لك
فهذا تسخيرٌ من الله المعطي -تبارك وتعالى-
الفرق بين اسميّ الله المعطي والوهّاب:"
المعطي:
الممكِّن من نعمه والعطاء هو تمكين العبد
من الفعل ومنحه القدرة والاستطاعة :"
الوهّاب:
المعطي للهبة والهبة تقتضي التمليك.
"ربنا لك الحمد ملء السمواتِ والأرض
وملء ماشئت من شيءٍ بعده أهل الثناء والمجد
أحق ماقال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع
لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد
منك الجدّ"
^
من السُنة إن يقال بعد الرفع من الركوع:"
اكتبوه، واحفظوه، واعملوا به
لاسم الله المانع عِدة تعريفات منها:
هو الذي يمنعك من كلِّ ما يؤذيك،
يمنعك من العطب في دينك ودنياك،
الله عزَّ وجلَّ مانع للمؤمنين،
يدافع عنهم ويحفظهم ويوفِّقهم، ويؤيِّدهم.
^ عظييم
وقد يمنعك من فعل شيٍء ما حمايةً لك ومراعاةً
لمصلحتك :"
ورد في السنّة في دعائه "ولا مُعطي لما منعت"
أخيرًا:
كثيرًا مايُظن أن العطاء دليل رضى الله عن العبد!
أو منع الله ﷻ العطاء عن العبد دليل السخط!
وهذا خطأ
أعطى الله سبحانه وتعالى المال لقارون وهو لا يُحبَّه، وأعطى فرعون الملك وهو لا يُحبُّه.. الدنيا لا قيمة لها.
إذاً.. هو الذي يمنع البلاء حفظاً وعنايةً، ويمنع العطاء عمن يشاء ابتلاءً أو حماية.. ويعطي الدنيا لمن يُحبُّ ولمن لا يُحب، ولا يُعطي نعيم الآخرة إلا لمن يُحب.
فهو يعطي لحكمة، ويمنع لحكمة 
(والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون)
هذا ما سهّل الله إعدادهُ إن كان من صواب
فمن الله وحده،
وإن كان من خطأ فمن أنفسنا والشيطان،
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد إن لا إله إلا أنت
نستغفرك ونتوب إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق