الأحد، 6 سبتمبر 2015

اسم الله ( المُقدّم / المُؤخّر / الأول / الآخر ) .

-

بسم الله والحمدُ لله ربّ العالمين 
شرع لنا الدعاء، وفتح لنا به باب الرجاء،
نحمده تعالى على كل فضل، ونشكره سبحانه على النعم ، 

والصلاة والسلام على حبيبنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم 


اليوم بإذن الله مع أسماء الله ( المُقدّم / المُؤخّر / الأول / الآخر )


اسم الله [ المُقدّم والمًؤخّر ]

اسمين كريمين من أسماء الله الحُسنى 
لم ترد صريحة بالقرآن، لكن وردا فيّ صحيحًا 
فيّ السنة 

حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه،
عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو 

بهذا الدعاء
 
" اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، واسرافي في أمري
وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جِدّي وهزلي
وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي
ما قدمت وما أخّرت ، وما أسررت وما أعلنت
وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر

 وأنت على كل شيىء قدير " متفق عليه 

وهذان الأسمان من الأسماء المتقابلة التي لا يطلق واحد بمفرده على الله 
إلا مقرونًا بالآخر ، لأن الكمال في اجتماعهما والتقديم والتأخير وصفان لله

- عز وجل - دالاّن على كمال قدرته ونفوذ مشيئته سُبحانه 



ومعناهما 

المنزل للأشياء منازلها، يقدّم ما شاء منها ويؤخّر ما شاء بحكمته وعدله
قدّر المقادير قبل أن يخلق الخلق ، وقدم من شاء بالتوفيق إلى مقامات 

السابقين ، وأخر من شاء بحكمته وعدله ، لا مقدّم لما أخَّر ولا مؤخر لما قدّم 


( لِمَن شَاءَ مِنكُم أَن يَتقدَّمَ أَو يَتأَخَّرَ ) 

أي: يتقدّم بفعل ما يقربه من ربه ورضاه ودار كرامته 
أو يتأخر بفعل المعاصي واقتراف الآثام التي تباعده 
عن رضى الله
 فلذلك نحن بحاجة إلى الله فيّ كل شؤوننا، نفتقر إليه في جميع 
الحاجات ولا نستغني عن الله طرفة عين 






النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كان شديد التحري لتقديم ما قدمه الله
 والبدأ بما بدأ به،  فبدأ بالصّفا في السعي ، وقال: نبدأ بما بدأ الله
به ، وبدأ بالوجه ثم اليدين ثم الرأس في الوضوء ، ولم يخلّ بذلك مرة 

واحدة 

وهذا من ثمار الأيمان بهذا الأسم أن نقدم ما قدمه الله ، ونؤخر من أخره 

ونحب من أحبه الله ونبغض من أبغض ، وهذا من أوثق عرى الأيمان 

مكانُكِ عند الله بحجم عملك الصالح 
قال العلماء " هو الذي قدّم الأبرار وشغلهم به سبحانه ، 

وأخّر الفجار وشغلهم بالأغيار " 

فالله يقدِّم.. وإذا قدَّم الله فالأمر عجيب مذهل، و
إذا ألقى محبَّتك في قلوب الخلق هذه سعادةً كبيرةً جداً،
الإنسان المؤمن كيفما تحرَّك يكون محبوباً، كيفما مشي يكون محترماً،
 في غيبته يُثنى عليه، وفي حضرته يُثنى عليه، فالله قدَّمه.. لماذا قدَّمه ؟

 لعمله الصالح، لطهارته قدَّمه لإخلاصه وقدمه لاستقامته، الله مقدِّم ومؤخِّر.

 فالطريق إلى أن نُقدّم 


نسعى في صلاح أنفسنا ثم بتزكيّة أعمالنا 
والسمو بأفعالنا الخيّرة نحو رضوان الله تعالى.

-

( الأول / الآخر )
.

قال تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الحديد: 3].

وهذه الأسماء فسرها النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً كاملاً واضحاً فقال: ((أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء))  (1) 



قال ابن جرير: هو (الأول) قبل كل شيء بغير حد، و(الآخر) بعد كل شيء بغير نهاية، وإنما قيل ذلك كذلك، لأنه كان ولا شيء موجوداً سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها، كما قال جل ثناؤه :﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾.

الأول بالخلق، والآخر للرزق، الأول هو الذي ابتدأ بالإحسان،

والآخر هو الذي تفضل بجميل الإحسان الأول بالإسعاد
أما أدب المؤمن مع الأول، أن يكون أول الناس سبقاً بالخير، 
كوني أول الناس بمعرفة الله، أولهم بطاعته، أولهم بخدمة عباده..




ومن آثار الأول والآخر 


 اعتراف العبد أن الفضل كله من الأول  
والآخر سبحانه وليس من نفسه ولا أحد سواه 


 أن يظهر أثر الاسم على سلوك العبد فيظهر
من محبة الأولية في طلب الخير ، وطلب الأسبقية 
في التزام الأمر ، وحرصه على المزيد والمزيد من الأجر.

أيضًا من الآثار 


 الدعاء بهما كما ورد عند مسلم من حديث أبي هريرة
 رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا
 آوى إلى فراشه قال : ( اللهمّ ربّ السموات وربّ الأرض وربّ العرش العظيم، 
ربّنا وربّ كُلّ شيء ، فالق الحبّ والنّوى ، وَمنزلَ التّوراة والإنجيل والفرقان ،
أعوذ بك مِن شرّ كُلّ شيء أنتَ آخذٌ بِناصِيته ، اللهمّ أنت الأوّل فليس قبلك شيء، 
وأنت الآخِر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن 

فليس دونك شيء ، اقْضِ عنّا الدّين واغْننا من الفقر )


الخلاصة :
أنّك إذا آمنت أن الله بيده كل شيء، هو الأول ، لا تحقد على أحد، كما لو أن إنساناً تلقى ضربةً بعصا، فهل يحقد على العصا ؟
العصا لا تقدم ولا تؤخر، وينبغي أن تعلم أن الناس جميعاً، حتى الأقوياء، وحتى الأشرار إنما هم عصي بيد الله عز وجل، ألم يقل الله عز وجل:


﴿مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ* إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
.


أخيرًا اذكركم بشيء  

إذا عرفت هذه الأسماء العظيمة وعرفت ما تدل عليه من الكمال والعظمة وجب عليك أن تعامل كل 
اسم بما يقتضيه من ذُلّ وعبوديّة 
وأنه سُبحانه فوق عباده يدبر أمورهم

وتصعد إليه أعمالهم وهذا يقتضي حُسن توجه قلبك لله وتمام الذل بين يديه :"""

فلا تقلقوا الله معك ()
  

هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق