السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته :""
مساءًا جميلًا طيّبًا بصُحبة الأحبة
الحمدُلله، أن رزقنا هذه المجالس
نتذاكر فيها أسماءه ﷻ 
وما أحقرنا من عباد ضعفاء لايقدرون على شيء، أن يتحدّثوا عن أسماء لعظيم وهّاب كبير جلّ في علاه!
لانستطيع أنّ نوفي الدروس حقها؛ ولكن ما ييسر لنا ربي ذكره فلا حول لنا ولاقوة إلا بالله 
وبسم الله على مشارف ختام هذهِ المجالس الطيبة
بسمِ الله الفتّاح ، مع ( القريب، المحيط، النّور، الرّب )
القريب ﷻ
ورد ذكره -مرّات عدة- في كتاب الله جلّ في علاه، ومنها:
﴿ وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أُجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ ﴾ .
وهناك قصة قصيرة في نزول هذهِ الآية
تقول؛ أنّ الصحابة قالوا : يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟، فنزلت هذهِ الآية 
وقفات ومعاني وآثار لإسم الله القريب :
قرنَ جلّ جلاله القربَ بالإجابة ، وذلك من شدة قربه جلّ في عُلاه
أين أنت من الاستغفار؟ 
أكثر من الاستغفار، فربُك قريبٌ منك.. اذكره كثيرًا ، و اطلبه، وادعه، هو مجيب ﷻ .
من لك غير الله قريبٌ في كل حينٍ و ( مجيب ) كذلك
هذا عن قرب الله منك، القرب الذي يعلم سرك ونجواك
معك في كل حين :"
وعن قرب الله القرب الذي يكرمك، بالتوفيق، والتأييد، والنصر،
فماذا عن قربك منه ؟
هو قريب منك، لكن هل أنت قريبةٌ منه ؟
متى تقترب إلى الله ؟
اسمع هذا الحديث القدسيّ الشريف
،
في معنى قوله ﷻ : وما تقرّب إليّ عبدي بشيءٍ أحب إليّ مما افترضتهُ عليه،
* نقف قليلًا 
🏼
️،
أولًا الفرائض نتقرب بها إلى الله جلّ وعلا،
أحبُّ شيء إلى الله* 
وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أُحبه
* أيضًا هُنا النوافل، من سنن رواتب ، من صيام تطوع، وصدقة وما إلى ذلك
وبهذا تزيد قربًا من الله *
فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله الذي يمشي عليها، ولئن سألني لأعـطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه .
* بالقُرب تحصل على محبة الله ﷻ ،
انظر هو قريبٌ منك لكن إذا اقتربت منه، يزيد حبّه إليك جلّ في علاهُ!
وهو غنيٌّ عنك وعبادتك
فهل من همةٍ مشمرة ؟ تركل هذهِ الدُنيا بالآخرة *
انظر من أيقن أنّ الله ﷻ قريبٌ منه لن يستطيع أن يعصيه أبدًا.
بالله عليكم، من كان لديه يقين بقرب الله منه هل يستطيع أن يستمع لأغاني؟
استحالة
من كان يستشعر أنّ الله قريبٌ منه يجتنب دائمًا المعاصي و " التقصير " في الطاعات،
ويحافظ دائمًا على نيته، فلا يشوبها رياءٌ ولا عجب ولا سمعة
-أليست غنيمة؟ -
دائمًا استشعر قرب الله جلّ وعلا منك
فإنّ مرتبة الإحسان هي " أن تعبُد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك "
نرى جميعًا هذا المقطع ثمّ نعود 
*استمع لهذِه القصة العجيبة*
حينما أدى الحسن البصري واجب العلماء في التبيين، وبيّن،
وسمع الحجاج مقالة " الحسن البصري"، وغضب غضباً شديداً، وتوعده بالقتل،
وقال لمن حوله: " يا جبناء والله لأروينّكم من دمه، وأمر بقتله، وجاء بالسياف، وأرسل في طلبه،
دخل -الحسن البصري- إلى المجلس، فإذا بالسياف، وإذا بالنطع قد مد، فحرك شفتيه، ( لأنه يشعر أن الله قريب منه) ، فحرك شفتيه!
وإذا بالحجاج يختلف أمره، يقف له، ويقول: أهلاً بأبي سعيد، أنت سيد العلماء،
-شيء غير متوقع!- ،
ومازال يدنيه من مجلسه حتى أجلسه على سريره،
وسأله في بعض القضايا، واستفتاه، وضيفه، وعطره، وشيعه إلى باب القصر،
الذي صُعق السياف والحاجب،
فتبعه الحاجب، قال: يا أبا سعيد، لقد جيء بك بغير ما فُعل بك، فماذا قلت بربك ؟
قال: قلت: يا ملاذي عند كربتي، يا مؤنسي في وحشتي، اجعل نقمته عليّ برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم ".
أنت حينما تشعر أن الله قريب منك تدعوه في أي وقت، وفي أي مكان، وفي أطباق السماء وأنت راكب الطائرة، وفي أعماق البحار وأنت في غواصة، وعلى سطح الأرض، وعلى أي مكان في الأرض، وفي أي حال. * هو قريبٌ منك*
لذلك الشعور بالقرب من الله شعور مُسعِد،
الشعور القرب من الله شعور مطمئن،
الشعور بالقرب من الله شعور السكينة التي تسعد بها،
ولو فقدت كل شيء،
وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء.
وقريب باللطف والنصرة وهذا خاص بالمؤمنين،
من تقرب منه شبراً تقرب منه ذراعاً ، ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعاً ،
* كمية لطف عظيمة لا تتفذ لربنّا اللطيف القريب 
*
وهو أقرب إلى العبد من عنق راحلته
والاعتقاد الحق : أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ قريب من عباده حقيقة كما يليق بجلاله وعظمته ، وهو مستوٍ على عرشه ، بائنٌ من خلقه ، وأنه يتقرَّب إليهم حقيقة ، ويدنو منهم حقيقة، كما في الثُلث الأخيرُ من الليل.
---------------
نأتي الان لإسم الله "المُحيط" جلّ في عُلاه 
قد ورد في عدَّة مواضع في القرآن الكريم ،
قال تعالى : ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُل شَيْءٍ مُّحِيطاً ﴾ ، و قال تعالى : ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ .
و هو اسم دال على إحاطة الله بكلِّ شيء علمًا و قدرةً و قهراً
إحاطة علم ، فلا يعزب عنه من خلقه مثقال ذرة ،
و إحاطة قدرة فلا يعجزه شيء في الأرض و لا في السماء ،
و إحاطة قهر فلا يقدرون على فوته أو الفرار منه ، قال تعالى : ﴿ يٰمَعْشَرَ ٱلْجِن وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ ﴾ ، أي : لا تستطيعون هربا ً من أمر الله و قدره لأنه محيط بكل شيء علمًا و قدرةً و قهراً .
اسم الله المُحيط :
ألا ترى أنّ الله تعالى غالبا ما يختم آيات الوعد والوعيد بهذا الاسم الكريم ؟
قال عزّ وجلّ بعد ذكر العصاة والمذنبين ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾
وقال مؤنّسا أولياءه ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ﴾ وتفاسير السّلف لهذه الآية كلّها في هذا المعنى
قال ابن عبّاس رضي الله عنه: النّاس هنا أهل مكّة، وإحاطته بهم إهلاكُهُ إيّاهم.
أي: إنّ الله سيهلكهم، وإنّما ذكره الله بلفظ الماضي لتحقّق وقوعه. وعنى بهذا الإهلاك الموعود: ما جرى يوم بدر ويوم الفتح .
وقال مجاهد وابن أبي نجيح: معنى أحاط بالنّاس: أي أحاطت قدرته بهم، فهم في قبضته، لا يقدرون على الخروج من مشيئته :""،
^ -اسمٌ عظيم فلنتدبّر بآيات وروده-
وقبل أن نبدأ بوقفات مع هذا الإسم العظيم،
نرى مقطع فيديو قصير
وقفات مع إسم الله المُحيط :
فعليه أن يُحسن أقواله وأفعاله، فهو به "محيط"، وأنّه لا مفرّ منه طرفة عين ولا أقلّ من ذلك.
أما الرب المحيط فلا شيء يغيب عنه لذلك اطلب من المحيط ماتريد
سواء كانت صغيرة أو كبيرة ظاهرة أو باطنة ﴿ ألا إنه بكل شيء محيط ﴾
تأمل كل شيء:"
ونعم بالله المحيط العظيم :""""
-------------
النّور جلّ في عُلاه
ورد ذكره في القرآن، قال عزّ وجل : ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ والأرض ﴾.
الله نورٌ إن اتصلت به؛ أخذت من نوره المعنوي شعرت براحة،
لك رُؤية صحيحة، الأمر كله ؛ أنَّ إنساناً مؤمنا يرى رؤية صحيحة وإنساناً كافرًا أعمى ...
فالأعمى، في متاهة والذي يرى رؤية صحيحة يتحرك على هُدى من ربه،
قال العلماء :
نَوَّر الله عالم الأرواح برسول الله ﷺ ونوَّر القلوب بأنواع الكتب، و نوَّر العارفين بأنوار التجليّات،
النُور-ﷻ- هو الذي نوَّر قلوب الصادقين بتوحيدهم و نوَّر أسرار المحبين بتأييده،
﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... ﴾ .
ولإسم الله عزّ وجل النّور معانٍ كثيرة، لاتُعد ولاتُحصى 
ولما كان النور من أسمائه الحسنى وصفاته كان دينه نوراً ورسوله نوراً،
وداره نوراً يتلالأ، والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين ويجري على ألسنتهم ويظهر على وجوههم.
وإن مما قضى الله علينا في كتابه ووصف به نفسه ووردت السنة بصحة ذلك أنه قال: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.
ثم قال عقيب ذلك: ﴿ نُّورٌ عَلَى نُورٍ ﴾ وبذلك دعاه النبي ﷺ : أنت نور السماوات والأرض.
وقفة عظيمة
﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)﴾
إقبالُكَ على الله،
اتصالُكَ به.. دعاؤك له، طاعتك إياه،
تُكسبك هذا النور
وهذا النور من أثمن عطاءات الله عزّ وجل،
إنسان منوَّرٌ يرى الحقيقة أي أن قلبه مُنير،
كذلك شخص سمعه منوّر فإذا استمع إلى كلام ما،
فكأن عنده ميزانًا فيقول لك: هذا الكلام غلط وهذا صواب،
بصره منوَّرٌ إذا نظر إلى الجبل يرى عظمة الله عزّ وجل بينما الكافر ينظر إلى أعلى جبل يرى مناسيبة جميلة جداً كي يتزحلق على الثلج،
لا يتعامل مع الأشياء إلا بالنفع، أما المؤمن يتعامل معها بالمعرفة،
فإذا رأى نوراً إذْ في نظره عِبرة،
إذا استمع قيَّم تقييماً صحيحاً،
فما كل شيء يسمعه يقبله،
إذا تحرك فإلى الخير،
في يده نور إذا أعطى يعطي بالعدل،
في رجله نور إذا مشى مشى إلى طاعة الله عزّ وجل
فمعنى النور أن يهديَك إلى ما يُرضي الله
وثانياً: ويكون عندك ميزان فالنور ميزان وهدىً.
ورد في بعض الأدعية:
إلهي أنت النور، والكُل في ظلام العدم، وأنت الظاهر وليس في الحوادث تأثير في القدم، أشرقْ على قلبي معنى اسمك النور، فأشهدَ بنورك الحقائق وأتجمل بالمعارف، وأدلهم على الرب الجوّاد إنك على كل شيء قدير ️.
شاهد معي هذا الفيديو
-----------
الرّب ﷻ
هذا الاسم ورد في القرآن الكريم، قال تعالى:
﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) ﴾
وأيضًا : ﴿ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) ﴾
ولعل هذا الاسم هو أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان، لأن الله عز وجل يربينا، يربي أجسامنا ويربي نفوسنا ويربي عقولنا، عن طريق آياته الكونية، وعن طريق آياته التكوينية وعن طريق آياته القرآنية.
شاهدوا معيَ هذا المقطع
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾
أيضًا لا تنسى أنّك مأجور على التفكر في عظمة الله وخلقه وعطاءه وحلمه ومغفرته وعفوِه ، كذلك في آياته! جلّ في عُلاه
حقيقة (الربوبية) في القرآن الكريم :
حقيقةً معنى الربوبية في القرآن تقوم على ركنين اثنين
الركن الأول : إفراد الله بالخلق،
والركن الثاني: إفراده بالأمر والتدبير.
كما قال الله تعالى عن موسى وهو يُبيِّن حقيقة الربوبية لفرعون: ﴿ قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَىٰ ﴾ ؟ .
فيشّرح له مُوسى عليه السّلام معنى الربوبية :
1- ﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ﴾ ؛
إذًا.. هو سبحانه وتعالى الخالق له، الموجد له، القائم عليه. *الرب ﷻ *
2- {ثُمَّ هَدَىٰ}
فيها معنى تدبير الأمر لكل هذه المخلوقات والهداية كما هو معلوم.
فالله سبحانه وتعالى أعطى كل شيء خلقه، ثم هدى؛ فبيّن لكل إنسان وجه المطلوب منه {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس:8]، {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:10]؛ فلا حجة لأحدٍ أن ينفي عن نفسه معرفة طريق الحق من الباطل 
🏼 إذ بيّن الله عز وجل هذا الأمر في فطرة الإنسان.
وقفة أخيرة مع إسم الله الرب:
ربنا سبحانه هو الذي يخلق ويرزق ويدبر الأمر ويعطي ويمنع ويهدي ويضل وكل ما في الكون مربوب له سبحانه ,خاضع له , لا يخرج أحد عن ملكه . 🏻
وإلى هذا الاسم مع اسمه (الله ) , واسمه (الرحمن) مرجع الأسماء الحسنى وبها استفتح الله كلامه , واجتمعت في أعظم سورة في القرآن ,
قال ابن القيم:
"تأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة وهي: الله , والرب , والرحمن, كيف نشأ عنها الخلق والأمر والثواب والعقاب , وكيف جمعت الخلق وفرقتهم , فلها الجمع ولها الفرق:
فإسم الرب له الجمع الجامع لجميع المخلوقات
فهو رب كل شيء وخالقه والقادر عليه لا يخرج شيء عن ربوبيته , وكل من في السموات والأرض عبد له, في قبضته وتحت قهره - جلّ في عُلاه- ,
والرّب سبحانه وتعالى هو المتكفل بخلق الموجودات وإنشائها والقائم على هدايتها وإصلاحها وهو الذي نظم معيشتها ودبر أمرها." -بتصرف بسيط-
وخيرُ ما نختم به
﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق